كف عن محاولة جعل الشبكات الاجتماعية «تنجح»

نُشر 
 

هذا المقال مترجم عن Stop Trying to Make Social Networks Succeed، المنشور .

جدّت أمور كثيرة مع سقوط تويتر وريدت (Reddit)، وظهور بلوسكاي (Bluesky) وثريدز (Threads)، وزيادة شعبية مستدون (Mastodon). يحاول خبراء كثيرون أن يحدسوا من سينجح ويحاولون تفسير لماذا سيفشل الآخرون. هذا خطأ كبير وغفلة عن الأمر بكامله.

بعض الشبكات الاجتماعية لن «تنجح» أبدا. لا يتفق الناس حتى على معنى «نجاح».

القضية أننا جميعا لا نرى إلا محيطنا المحدود الصغير، ثم نعمّم ما نراه فيه ونظنه عالميًا. يصعب علينا فهم مستدون؟ إذًا لن ينجح مستدون أبدا، وإنما سيبقى في بيئة ضئيلة. نعرف بعض نجوم الوب الذين انتقلوا إلى بلوسكاي؟ إذًا بلوسكاي هو المستقبل، وسيكون كل الناس فيه.

ليس هذا كيف تجري الأمور. لم يكن هذا قَط كيف جرت الأمور.

مثل جميع مساعي البشر، كل شبكة اجتماعية عمرها محدود وتخدم جزءًا محدودًا من الناس. قد يكبر هذا الجزء حتى يصير عملاقًا مثل فيسبوك وواتساب. لكن حتى هذا اليوم، عدد الذين ليس لديهم حساب على فيسبوك أكبر من عدد الذين لديهم حساب. كل شبكة اجتماعية لا تمثل إلا قلة من الناس. والعكس مرعب إن فكرت فيه (وهو بعينه ما تحاول شركة ميتا بناءه).

الشبكات الاجتماعية متقلبة؛ تأتي وتغادر. النجاح في الشبكات الاجتماعية التجارية يتحدد بسؤالهم: «هل نكسب من المال ما يكفي أن يرضي المستثمرين؟». ولكن لا يوجد مقياس للنجاح في الشبكات غير التجارية. فإنما تعيش الشبكة ما دام يستخدمها للتواصل اثنان على الأقل. ويعني هذا أن الانتقادات مثل «مستدون لن تجمع مالًا كافيًا» و«لن ينجح العالم الاتحادي (Fediverse) أبدا» خاطئة ولا تفهم من الأمر شيئًا.

إذا كنت تعيش في المحيط الثقافي الغربي مثلي، فلا أظنك قد سمعت بشبكات WeChat أو QQ أو VK. تلك شبكات اجتماعية ذات شعبية ساحقة، في الصين وروسيا. WeChat وحده في حجم إنستغرام حسب عدد المستخدمين النشيطين. وقد أظهرت الحرب في أوكرانيا أن الشبكة الاجتماعية الأكثر شعبية هناك هي تيليجرام. وهو ضعف حجم تويتر، لكنه لسببٍ ما يكاد لا يُذكر في محيطي. المغزى هنا يسير: أنك تعيش في بيئة محدودة — جميعنا كذلك — وأن تجربتك لا تمثل إلا نفسك، ولا بأس في هذا.

لن توجد أبدا شبكة اجتماعية واحدة تهيمن على جميع الشبكات. ولا ينبغي أن توجد شبكة اجتماعية واحدة تهيمن على جميع الشبكات. بل إن المهرة في التقنية عليهم النضال حتى يضمنوا ألا «تنجح» أي شبكة اجتماعية أبدا.

يعيش الناس في مجتمعات. ننضم إليها، وأحيانا نغادرها. لا ينبغي على الشبكات الاجتماعية إلا أن تكون بنية تحتية تحمل مجتمعاتنا وتساندها. ليست الشبكات الاجتماعية هي مجتمعاتنا. تموت الشبكات الاجتماعية. تهاجر المجتمعات إلى وجهات أخرى. لم يحل محل شبكة جوجل+ شيء، وقد كانت ذات شعبية كبيرة في محيطي التقني. لا شيء أبدا سيحل محل تويتر أو ريدت. ستجد بعض المجتمعات وطنًا جديدا في مستدون أو Lemmy. وستذهب بعض المجتمعات إلى أماكن أخرى. ولا بأس في هذا ما دمت تستطيع إنشاء حسابات في شبكات مختلفة، وهو شيء أوقن أنك تستطيعه. قد تنقسم المجتمعات. وقد تتحد. قد يكون الإنسان عضوًا في مجتمعات عديدة وفي منصات مختلفة.

يحاول مستثمرو رأس المال المغامر في وادي السلكون أن يقنعونا أن شبكة اجتماعية واحدة، في يومٍ ما، ستنجح، وستصير الشبكة الواحدة العالمية، وأن ينبغي لها أن تكبر، وأن الشبكات الاجتماعية هي مجتمعاتنا، وأن على مجتمعك أن يكبر حتى يصير ناجحًا.

هذا كذب وخداع. مجتمعاتنا أغلى كثيرا من الأداة التي استعملتها في وقت ما. وإن قبلنا هذا الخلط، فإننا ندمر مجتمعاتنا، نبيعها، نحوّلها إلى مجرد أصل تجاري ملك صانعي الأداة التي نستعملها، الأداة التي تستغلنا وتتاجر فينا.

كف عن محاولة جعل الشبكات الاجتماعية تنجح. كف عن الحلم بشبكة اجتماعية واحدة عالمية. بل استثمر في مجتمعاتك. ساعدهم في صناعة حلول تقنية طويلة المدى ومخصصة ومستدامة. حاول أن تحقق نجاحات صغيرة محلية بدلا من مطاردة نجاح عالمي وهمي. سيجعلك هذا أسعد وأكثر رضا.

سيجعلنا هذا جميعا أسعد وأكثر رضا.

(صورة المقال إضافة المترجم، وهي من XKCD.)