تمهيد المترجم
كتاب احترف جت من «أمهات الكتب» في صناعة البرمجيات. فهو يعّلم نظامًا من أشهر أنظمة إدارة النسخ على الإطلاق، هو جت، ويعلّم فن التطوير باستخدام نظام إدارة نسخ موزع. فليس يقتصر نفعه على من يريد استخدام Git و GitHub، بل يمتد إلى من أراد استخدام GitLab أو حتى نظام آخر مثل Mercurial.
دراسة هذا الكتاب ضرورية لأي مبرمج.
وقد حرصت على تقليل الإنجليزية في الكتاب، إلا مما يلزم (مثل الأوامر ونواتجها) فترجمت ما نحتاجه منها مع إبقاء أصله كله، حتى يفهم الكتاب العامة والخاصة فلا نجعل إتقان الإنجليزية شرطًا لفهم كتاب عربي. مع أن معرفة الإنجليزية ضرورة للمبرمجين ولمستخدمي جت لا محالة.
ودراسة العلم بلغة الإنسان الأولى تساعده على الفهم العميق لما يتعلم. ولا سبيل للنهضة إلا بنقل العلوم واستيعابها بلغتنا. ألمانيا، وفرنسا، وإيطاليا، واليابان التي سُحقت في منتصف القرن الماضي، والصين الشعبية، وكوريا الجنوبية، وإسرائيل — جميعهم يدرسون العلوم بلغاتهم حتى إتمام الشهادة الجامعية، وجميعهم في أعلى دول العالم في البحث العلمي وفي الصناعة. وتلك الأخيرة ماتت لغتها ألفي عام فبعثوها من موتها وتعلموها وعلموها أبناءهم بل وأخذوا مصطلحاتهم العلمية والطبية من اللغة العربية! لأن وقتئذٍ كانت اللغة العربية ما تزال لغة العلم والتدريس في بلدانها.
ولا يعني هذا إهمال اللغات الأجنبية؛ فتعلمها ضرورة. والإنجليزية بالأخص.
أما عن الألفاظ: فلغة أي فن من الفنون هي دائما غريبة على مسامع من لم يعتادوها. حتى الإنجليزية؛ اسأل شخصا وُلد وعاش وشاخ في بلد لا يتكلم غيرها، ولم يسمع أو يقرأ في حياته بأي لغة أخرى، عن عبارات مثل “fork a process” أو “clone a repository”…
والأمثلة على ذلك كثيرة، منها: «لا يدخل الزحاف في شيء من الأوتاد، وإنما يدخل في الأسباب خاصةً.» وهذا من كتاب في علم العَروض. الذي أتى بمصطلحاته، مثل الأسباب والأوتاد والزحاف، هو الخليل ابن أحمد، واضع أسس علم النحو، وجامع معجم العين، أول معجم عربي.
ومن درس علم التجويد مثلًا فقد وجد أن كل لفظ يُعرَّف أولا بمعناه في اللغة ثم بمعناه في العلم، فيقولون مثلًا «الإخفاء لغةً هو كذا، واصطلاحًا هو كذا».
فلكل علم لغته الخاصة داخل اللغة العامة. ومثال آخر على ذلك لغة الحساب الحديث، ففيها الاسم «زائد» يُستعمل حرف عطف، والفعل المنصرف «يساوي» يُستعمل جامدًا ولا يتغير شكله أبدا، فنقول «اثنين زائد ثلاثة يساوي خمسة». أفهذه الجملة غير عربية؟
ولن يجد العربي غير المتخصص عبارةً مثل «استنسخ مستودعًا» أو «أودِع التعديلات المؤهلة» أغرب مما يجد الإنجليزي العاميّ عبارةً مثل “clone a repository” أو “commit the staged changes”. فلكل فن لغته الخاصة داخل اللغة العامة.
ولسنا اليوم بصدد تغيير قواعد اللغة هنا كما فعل أهل الحساب، إنما نحتاج فقط إلى توسيع معاني بعض الكلمات كما فعل أهل التجويد. ولن نأتِ بمصطلحات كثيرة كما فعل الخليل رحمه الله في علمَي العَروض والقافية.
وأرجو من القارئ الكريم التماس العذر لي إن بدا مني خطأ، وأن ينبهني إليه على صفحة مسائل ترجمة الكتاب على جتهب.